الأربعاء، 27 يوليو 2022

كوريوس، بين تعدد المعاني والمصادرة على المطلوب!

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله:

كلمة κύριος (رب - سيد) من الكلمات التي يرى فيها النصارى دليلًا على ألوهية المسيح، في هذا الصدد سنتخذ منهجًا لتحقيق هذه الكلمة بشكل خاص وكلمات العهد الجديد بشكل عام.

١- الاستخدام الكتابي للفظة:
-
للوصول للاستخدام الكتابي للكلمة ما عليك سوى أن تصل لأي برنامج concordance (صورة ١ (أو موقع مثل  biblehub


ولنأخذ أمثلة من العهد الجديد:
(أ) الرب الإله المعبود (متى ١: ٢٠-٢٢، مرقس ١: ٣، لوقا ١: ٦، يوحنا ١٢: ٣٨.... بطرس الأولى ٣: ١٥،...)
(ب) أرباب (كورنثوس الأولى ٨: ٥)
­­(ت) السيد ذا السلطة على عبيده (متى ١٠: ٢٤-٢٥، متى ١٨: ٢٧-٣١-٣٢-٣٤، متى ٢٤: ٤٦ إلى ٥٠، متى ٢٧: ٦٣، يوحنا ١٣: ١٦، يوحنا ١٥:١٥-٢٠، أعمال ١٦: ١٦-١٩، أفسس ٦: ٥-٩، كولوسي ٣: ٢٢، كولوسي ٤: ١)
(ث) صاحب الشيء (متى ٢٠: ٨، مرقس ١٢: ٩، غلاطية ٤: ١)
(ج) استخدام لفظ الرب في سياق يضاد الألوهية (متى ٢١: ٣، أعمال ٤: ٣٣، رومية ٤: ٢٤، كورنثوس الأولى ٢: ٨، كورنثوس الأولى ٦: ١٤، كورنثوس الأولى ١١: ٢٦، كورنثوس الثانية ٤: ١٤، أفسس ١: ١٧، عبرانيين ١٣: ٢٠، رؤيا يوحنا ١١: ٨)
(ح) رب البيت (متى ١٣: ٢٧، بطرس الأولى ٣: ٦)
(خ) السيد ذا السلطة عن يسوع مع استخدام الفاندايك للفظة "سيد" بدلًا من "رب" (متى ٦: ٢٤، متى ٨: ٢-٦-٢١-٢٥، متى ٩: ٢٨، متى ٢٥: ١١ إلى ٤٤، مرقس ٩: ٢٤، يوحنا ٤: ١١ إلى ١٩-٤٩، يوحنا ٥: ٧، يوحنا ٦: ٣٤، يوحنا ٨: ١١، يوحنا ٩: ٣٦-٣٨، يوحنا ١١: ٣-١٢، يوحنا ٢١: ١٧-٢٠-٢١، أعمال ٢٢: ٨)
(د) اعتقاد أن يسوع رب لا يكفي لدخول الملكوت (متى ٧: ٢١)
(ذ) تمايز بين الرب الإله والسيد المتسلط (متى ٢٢: ٤٤-٤٥)
(ر) تمايز بين الرب الإله ويسوع (مرقس ١١: ٩، يوحنا ٤: ١، يوحنا ١٢: ١٣،أعمال ٣: ٢٢، أعمال ٤: ٢٦، رؤيا يوحنا ١١: ١٥)
(ز) تمايز بين الإله والرب
(كورنثوس الأولى ٦: ١٤، عبرانيين ١٣: ٢٠)
(س) السيد أم الرب؟ (يوحنا ١٣: ١٤) في نفس القصة (يوحنا ٢٠: ٢-١٨)
(ش) سيد أم رب؟ في نفس القصة (أعمال ٩: ٥-٦)
(ص) كوريوس عن بيلاطس (متى ٢٧: ٦٣) كوريوس عن فيلبس (يوحنا ١٢: ٢١) كوريوس عن بولس وسيلا (أعمال ١٦: ٣٠) كوريوس عن ملاك كرنيليوس (أعمال ١٠: ٤) كوريوس عن القيصر (أعمال ٢٥: ٢٦)

(تعليقات عامة على نصوص تستحق التعليق):

من النقطة (أ) نرى أن نص رسالة بطرس الأولى ٣: ١٥ يقرن لفظتي الرب والإله فعلمنا أن لفظة الرب المذكورة هنا تدل على الربوبية المطلقة والتي تنسب للإله عز وجل: (بَلْ قَدِّسُوا الرَّبَّ الإِلهَ فِي قُلُوبِكُمْ..).
النقطة (ت) فيها عدد من النصوص يُلقَّب فيها السيد الذي يملك السلطة على عبيده على الأرض ب
كوريوس.
النقطة (ج) مهمة جدًا نجد فيها نسبة العَوَز لهذا "الرب" (متى ٢١: ٣ الرَّبُّ مُحْتَاجٌ) والقيامة من الموت (أعمال ٤: ٣٣ قِيَامَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ، رومية ٤: ٢٤ أَقَامَ يَسُوعَ رَبَّنَا مِنَ الأَمْوَاتِ، كورنثوس الأولى ٦: ١٤ اللهُ قَدْ أَقَامَ الرَّبَّ، كورنثوس الثانية ٤: ١٤ أَقَامَ الرَّبَّ يَسُوعَ، عبرانيين ١٣: ٢٠ إِلهُ السَّلاَمِ أَقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ رَبَّنَا يَسُوعَ) والصلب (كورنثوس الأولى ٢: ٨ صَلَبُوا رَبَّ الْمَجْدِ، رؤيا يوحنا ١١: ٨ صُلِبَ رَبُّنَا) والموت (كورنثوس الأولى ١١: ٢٦ مَوْتِ الرَّبِّ) والعبودية (أفسس ١: ١٧ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ).
النقطة (خ) توضِّح للقارئ أن حتى ترجمة الفاندايك ترى للكلمة أكثر من معنى فتأتي -حسب رأي المترجم- أحيانًا بمعنى سيد وأخرى بمعنى رب فترجموا الكثير من النصوص التي وردت فيها الكلمة إلى سيد.
النقطة (ر) فيها عدد من النصوص تُمايِز بين الرب المستحق للعبادة وبين يسوع المسيح عليه السلام وهذا يقطع بكوْن اللفظة كانت على غير معنى العبودية عندما لُقِّب بها يسوع وإلّا قلنا بربيْن وهذا ما يرفضه المثلثين (مرقس ١١: ٩ مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ، يوحنا ٤: ١ عَلِمَ الرَّبُّ أَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ سَمِعُوا أَنَّ يَسُوعَ يُصَيِّرُ وَيُعَمِّدُ، أعمال ٤: ٢٦ اجْتَمَعَ الرُّؤَسَاءُ مَعًا عَلَى الرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ، رؤيا يوحنا ١١: ١٥ قَدْ صَارَتْ مَمَالِكُ الْعَالَمِ لِرَبِّنَا وَمَسِيحِهِ).
النقطة (ز) فيها تمايز بين الإله المستحق للعبادة وبين "الرب" وهذا يقطع بكوْن اللفظة كانت على غير معنى العبودية في هذه النصوص وإلا وقع المخالف في الشرك الذي يرفضه (أعمال ٣: ٢٢ بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيح، كورنثوس الأولى ٦: ١٤ اللهُ قَدْ أَقَامَ الرَّبَّ، عبرانيين ١٣: ٢٠ إِلهُ السَّلاَمِ أَقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ رَبَّنَا يَسُوعَ).
النقطة (س) فيها تلقيب يسوع ب
كوريوس مسبقة بالألف واللام (τῷ) ولكن ورغم كل ذلك آثرت ترجمة الفاندايك ترجمة النص إلى "السيد" بدلًا من "الرب" فما معيار التفرقة عند المترجم؟! (يوحنا ٢٠: ٢ أَخَذُوا السَّيِّدَ مِنَ الْقَبْرِ) لكن الغريب أن الترجمة بعدها بستة عشر نص تترجم نفس الكلمة اليونانية بنفس الحروف ولكن هذه المرة تبدِّل كلمة "السيد" بـــ "الرب" (يوحنا ٢٠: ١٨ أَخْبَرَتِ التَّلاَمِيذَ أَنَّهَا رَأَتِ الرَّبَّ) كما ترجمتها أيضًا السيد في (يوحنا ١٣: ١٤ أَنَا السَّيِّدُ وَالْمُعَلِّمُ) فما المعيار؟
النقطة (ش) مشابهة للسابقة فالمترجم يتحكم في النصوص بكل سهولة فيجعلها سيد وقتما أراد ورب وقتما أراد (أعمال ٩: ٥-٦ بولس: مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟، بولس: يَا رَبُّ، مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ؟) وننتظر مسيحي يخرج لنا بنتيجة أن بولس لم يقل له "يا رب" في البداية لأنه لم يكن قد عرفه بعد وهو لا يدري أنها نفس الكلمة اليونانية!
النقطة (ص) فيها عدد من شخصيات العهد الجديد يُلقَّبون بكوريوس (فيلبس، يوحنا ١٢: ٢١ فَتَقَدَّمَ هؤُلاَءِ إِلَى فِيلُبُّسَ وَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «يَا سَيِّدُ..) (بولس وسيلا أعمال ١٦: ٣٠ ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا وَقَالَ: «يَا سَيِّدَيَّ..) (ملاك كرنيليوس أعمال ١٠: ٤ فَلَمَّا شَخَصَ إِلَيْهِ قَالَ: «مَاذَا يَا سَيِّدُ؟») (بيلاطس متى ٢٧: ٦٣ قَائِلِينَ: «يَا سَيِّدُ، قَدْ تَذَكَّرْنَا..) (القيصر أعمال ٢٥: ٢٦ أَكْتُبَ إِلَى السَّيِّدِ)

٢- ماذا يقول القاموس اللُغوي؟

تحمل كلمة
κύριος رقم ٢٩٦٢ في قاموس سترونج (صورة ٢)، يُخبرنا القاموس أنها تأتي بعدة معاني منها (سيد – معلِّم – أستاذ – الرب) ويذكر من ضمن المعاني أنها تأتي كلقب تشريفي احترامي وتأتي على من له سلطة عليا مثل المدير والقائد، ويُخبرنا KJV Concordance أنها جاءت ٦٦٧ مرة بمعنى (الرب) و ٥٤ مرة بمعنى (سيد) و ١٧ مرة بمعنى (أستاذ)


٣- ما الغرض من إثبات أن للفظة عدة معاني؟

بكل بساطة إثبات أن للفظة عدة معاني في معرض استدلال النصراني بها كدليل على ألوهية المسيح يُدخل الاحتمال في دليله فلا سبيل للاستدلال بلفظة تحتمل معانٍ عدة، ولكن قد يسأل سائل لماذا لا نُدخل الاحتمال في اللفظة في حال جاءت عن الإله عز وجل شأنه وتقدست أسمائه، وللرد نقول أن الإله مُثبت مسبقًا أنه الإله المستحق للعبادة فكل صفات الكمال ثابتة له مسبقًا لكن في حالتنا هذه لا تنفع هذه القاعدة المسيحي لأنها ستنقلب من قاعدة لمغالطة لأن المسيحي يستشهد بهذه اللفظة كدليل على ألوهية المسيح عليه السلام فإن ثبت له الاحتمال في اللفظة لا يصح أن يقول سأختار معنى من ضمن المعاني لأن المسيح هو الإله فيثبت له معنى الربوبية المطلقة، لأنه لم يثبت بعد أنه الإله المعبود وهو ما نسميه مغالطة المصادرة على المطلوب وهو أن تصادر على ما هو مطلوب إثباته وتستخدمه في منتصف الحوار، فالمسيحي لم يُثبت بعد أن المسيح هو الإله المستحق للعبادة، بل ويستدل بهذه اللفظة على ذلك فلو قابله مطب يعرقل مسيره في الاستدلال لا يصح أن يسلم بالنتيجة وهو ما زال في طريقه إليها.

٤- مراجع علمية: راجع شرح التّاعب من قناة الدعوة الإسلامية (اضغط هنا)

وشكرًا